البحتري حياته وشعره وقصيدته في وصف الذئب Al Buhturi

 البحتري حياته وشعره وقصيدته في وصف الذئب Al Buhturi هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي ولد بمدينة منبج بين حلب والفرات سنة ٢٠٦ هجرية في أسرة ليست بذات يُسر ونشأ نشأةٌ عربية. 

البحتري

لماذا سمي البحتري بهذا الاسم

يظن البعض أن سبب تسمية  قد يكون بسبب نسبه حيث ينتهي نسبه إلى بني بحتر  اما المعنى اللغوي لكلمة البحتري فهو يدل على قصر قامته. لكن السبب الحقيقي لهذا الاسم غير محدد بشكل واضح.


 صفا ذهئه وفصح لسانه تلقف ماتيسر له من العلوم العربية الإسلامية والعلوم الحديثة. وظهرت عليه مخايل النجابة منذ ريعان صباه. 

استهواه الشعر ومال إليه وعالجه وهو فتى وتهيأ له أن يلتقي بأبي تمام الذي رأى فيه ما يُنبى بشاعرية فذة فتعهده.

ووضع له منهجا دقيقا في طريقة معالجة الشعر والإجادة فيه وذلك في وصيته المعروفة. فأخذ عنه وتأثر بطريقته  ولاسيما الإكثار من البديع. 

نشأ البحتري في الحقبة التي شهدت انعطاف أبي تمام بالشعر إلى المنطق والغوص في المعاني. والولوع بالبديع والاستعارات الجديدة. 


لماذا سمي شعر البحتري بسلاسل الذهب

لأن شعره يقوم على الزخرفة الرائعة والموسيقى الساحرة  التي تغمر كل قصائده. كما أنها تأتي من كلمات منتقاة بعناية ، وهذه الكلمات والتراكيب ليست معقدة أو غير مألوفة بل إن عناصرها وتسلسلها متناغم تمامًا ويتطابق مع المعنى.

فترسّم خطاه في البديع ووشح به شعرة ولكنه فضل ما كان منه سهلاً واضحاً. 

    1.جنح إلى الخيال والطبيعة فاستمد منهما معانيه

    2.عني عناية فائقة بالألفاظ وجرسها حتى عرف بذلك. وامتازٌ به من الشعراء

    3.تصرف البحتري في فنون الشعر 

    4.اشتهر بالمديح والاجادة فيه 

    5.القدرة على تصوير أخلاق الممدوح

    6. امتارّ بالغزل الرّقيق الذي كان يتقدم قصائده عامة

    7.برع في وصف الطبيعة براعة لم يسبقه أو يلحقه شاعرٌ آخر فيه. 

    8. أبدغ في وصفه مظاهر العمران من قصور فخمة, وبرك عظيمة وفي الوصف الرائع لكثير من المعارك الحربية التي خاضتها الجيوش العباسية. وهي تتعقب الأعداء والمناونين لها في البر والبحر. 

توفاه الله سنة  ٢٨٤ هجرية و له ديوان شعر ضخم. و كتاب (الحماسة)وهما مطبوعان. مقتطفات من قصيدة الذئب للبحتري . 

سلام عليكم الاوفاء ولا عهد

 أما لكم من هجر أحبابكم بد

وليل كأن الصبح في أخرياته 

خشاشة نصل ضم افرنده غمد

  تسربلته والذئب وسنان هاجع

 بعين ابن ليل ماله بالكری عهد

 أثير القطا الكدري عن جثماته

 وتألفني فيه الثعالب والربد 

 وأطلس ملء العين يحمل زؤره

 وأضلاعه من جانبيه شوى نهد 

أفي العدل أن يشقى الكريم بجورها  

ويأخذ منها صفوها القعدد الوغد 

أن الصور البلاغية في وصف الذئب للبحتري تمتاز  بوصفها الحسي الدقيق. وهو الفن الذي برع به البحتري البراعة كلّها بين شعراء عصره وقد أبدع في تجسيد الحركة النفسيّة في اللقاء المأساوي بينه وبين ذنبه.

 هذه الحركة التي اختلط فيها الانفعال والتناقض في وجدانيهما لدرجة صار فيها الذئب بالنسبة الى البحتري رمز للعدئية أو الظلم الذي كان يعانيه. 

كما يظهرٌ ذلك من خلال القصيدة كلها وقد أكسبتٌ لعْتها الحسَية المطعمة بالخوف والتوتر والأسى هذه اللوحة الشعرية قيمة جمالية معتمدة على تشبيهات مركبة ذات لغة انفعالية مصورة. 

إن ظاهرة وصف الذئب و حضوره في الشعر العربي قديمة. بدأت عند امرئ القيس ومصاحبته له وحتى البحتري الذي أكله. 

وهذا يعني أنها دورة تمثل دورة تغيرالحياة من مجتمع صحراء العصر الجاهلي الى مجتمع المدينة في العصر العباسي ... وتغير العلاقات الاجتماعية والوعي. ولعل أول شاعر فتح الباب لأدب الذئب في الشعر العربي هو امرؤ القيس.

تبعه المرقش الاكبر الذي يلتقي ذنبا في ليلة موحشة وأرض مقفرة ومعه بعض أصحابه... فيشعل النار طلباً للدف والشواء فينجذب نحوها ذنبه ... واذا بالشاعر يلقي له بقطعة من الشواء ويجعل منه أحد جلاسه حينها يهز الذئبُ راسة شاكراً. 

أما الفرزدق فهو يقسم الزاد بينه و بين الذئب من دون أن يغفل عن الإمساك بقائم سيفه... وفي هذه المرحلة تتغير العلاقة فتأخذ طريق الحذر ... فإذا ضحك الذئب بعد أن أكل وشبع ضحك الفرزدق واطمأن له وتعاهدا على عدم الخيانة. 

ويظل أدب الذئب تتردد اصداؤه في شعرنا القديم دالا على أحد ملامح مجتمع الفروسية حتى يستقر المجتمع المدني وتذوي الفروسية ويفقد العربي صداقته مع وحش الصحراء. 

فيصبح له قاتلاً متربصاً بعد أن كان صديقاً...

الموضوع التالي المنشور السابق